بنت المصطفى مديرة ومؤسسة المنتدى
الجنس : عدد المساهمات : 121 نقاط : 2490 تاريخ التسجيل : 06/06/2009 العمر : 31 الموقع : في قلب اهل البيت
| موضوع: القبلة على وجه الطفل مفعولها كالسحر السبت فبراير 06, 2010 12:37 pm | |
| بِـسْـمِ اللّهِ الـرَّحْـمـنِ الـرَّحِـيـمِ اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ الاْوصياءِ الْمَرْضِيِّينَ، وَاكْفِني ما اَهَمَّني مِنْ اَمْرِ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته *
كم هو رائع ذلك الإحساس الخفي الذي يدفعنا بشوق وشغف وشيء من المشاعر المختلطة التي يصعب وصفها إلى تقبيل أطفالنا.... وكم هي مؤثرة وبناءة وخلاقة ومربية ومعلمة وساحرة تلك القبلة التي تطبعها على وجوه أطفالنا وأيديهم الصغيرة كأنها (فيتامين حب) مغذً... نظنها امراُ سهلاً ينتهي في حينه بلا اثر، لكنها الشيء الوحيد الذي لن تتمكن ذاكرة الإنسان من محوه طوال حياته لما لها من اثره في تعزيز الثقة بالنفس والتحفيز على تقديم ماهو أفضل...فيكفي أن يشعر الطفل بأن هناك من يحبه ويهتم لأمره ويرغب بوجوده وتقبيله في كل حين.
أليس من الجميل أن يختبر الإنسان ذلك الإحساس طوال حياته؟ فمن منا لا يحتاج إلى محبة الآخرين وخصوصا المحيطين به والمقربين (والديه وإخوته)؟ فكما قال الإمام الصادق (ع): "هل الدين إلا الحب؟". نعم هو كذلك لما له من أهمية في رسم معالم الشخصية السوية القوية القادرة على مجابهة الصعاب. يقول على القائمي في كتابه (الأسرة ومتطلبات الأطفال): إن المحبة هي من الاحتياجات الأساسية والاستثنائية المهمة للأطفال إذ يعدها بعض علماء النفس بأنها ضمن الاحتياجات الفطرية التي تتعلق بطبيعة الإنسان وتتجلى هذه المسألة بصورة الحاجة إلى المداعبة والحنان اللذين يمكن تحسسهما في الطفل منذ بداية حياته وحتى نهايتها وإن عدم تلبية ذلك يؤدي إلى ظهور الكثير من الاضطرابات النفسية والسلوكية والتي قد تجر أحيانا إلى ارتكاب الجريمة والانحراف.
إذن هي مجرد (قبلة) ليست بالأمر الصعب أو الشاق كي نتهاون عن القيام بها، مجرد قبلة لكن وجودها واستشعارها لدى الطفل قد يحدث فرقا قيما لو حرم منها، فهناك وبلا شك فرق وفرق كبير بين الوجود والعدم، بين طفل غارق في حب أسرته وقبلاتهم التي تشعره بمدى أهميته ووجوده ومدى الحب الذي يكنونه له، وطفل لم يذق منذ نعومة أظافره سوى الضرب والشتم ومقارنته طوال الوقت بالأطفال الآخرين فأيهما يكون سويا وصحيح النفس والجسد؟
تلك مفارقة يجب الوقوف عليهنا، فهي الأساس الذي نبني عليه شخصيات أبنائنا الصغار حينما يكبرون، يقول الإمام زين العابدين (ع): "وأما حق الصغير فرحمته وتثقيفته وتعليمه والعفو عنه والستر عليه والرفق به والمعونة له والستر على جرائر حداثته" وهذا ما لم يطبقه الاب فيما سأرويه الآن". تقول إحدى الجدات بأنها فوجئت ذات مساء بوصول حفيدها البالغ من العمر 10 سنوات وهو في حالة غير طبيعية، في بادئ الأمر لم تكترث ظنا منها أن الأمر عادي فهو متقلب المزاج، لكنها شكت في الأمر حينما طال صمته فسألته لتصدم إذ عرفت أن الطفل جاء ماشيا على قدميه وحيدا من مسكنه في المنطقة المجاورة لمسكن الجدة إذ المسافة بينهم طويلة، تفاجأت الجدة وارتسمت علامات الدهشة على وجهها فسالته عن السبب ليجيبها بدموع بأن والده قد أبرحه ضرباً فقط ليجبره على مذاكرة دروسه ما ادى به إلى القرار من المنزل.
سؤالي هنا: هل يمكن أن نحقق النتيجة المطلوبة دراسياً بإجبار الطفل على الدراسة بهذه الطريقة؟ وإذا حققها هل سيتمكن من مواصلة هذا النجاح؟ بالطبع لا، فبالضرب سنخلق حاجزاً كبيرا بين الطفل ودراسته وستكون علاقته بالدراسة علاقة (كره) يتجدد في كل يوم دراسي. وإذا ما حقق الطفل النجاح نتيجة الضغط والضرب والإجبار فإنه بالطبع لن يكون مهيأ للاستمرار في هذا النجاح في السنوات المقبلة. أتعلمون ما السبب؟ السبب يكمن في كونه منهاراً من الداخل، لا يحمل ذرة من الثقة في نفسه، متخاذلاً وذلك قد يعطينا نتيجة عكسية في المستقبل ليكون الطفل متمرداً على ذاته وأهله ودراسته لتكون الأخيرة هي آخر اهتماماته، ولكن دعونا نغير تلك اللوحة المأساوية، ولنرسم لوحة أكثر إشراقا، ماذا لو تصرف الاب بشكل آخر؟ ماذا سيحصل لو احتضن الطفل في وقت عناده ورفضه للدراسة وقبله على جبينه وابتسم له ابتسامة خفيفة وحاول أن يحاوره في أسباب رفضه وعناده أو المشاكل التي يعانيها مع الدراسة؟ هل الحوار مع الأطفال صعب إلى هذه الدرجة؟
إنهم كالأزهار الرقيقة، بحاجة إلى الحب ولمسة من الحنان، بقبلة واحدة نستطيع ان نمتلك قلوبهم، بقبلة نستطيع أن نثنيهم عن العناد ونحثهم على الاستماع، ولكننا مع الأسف ندمر تلك الزهور الرقيقة بالصراخ والضرب والتوبيخ والتهميش، نكاد نقضي على عقولهم قبل قلوبهم، فالدراسات الحديثة تؤكد بان 80 في المئة من ذكاء الطفل وقدراته العقلية تتشكل قبل سن الثامنة وان 50 في المئة منه يتشكل قبل سن الرابعة، وتعتبر حاسة اللمس (التقبيل، المعانقة، الملاطفة) عاملاً حيوياً لنمو مخ الطفل إذ تتسبب اللمسات البشرية في إفراز هرمونات نمو بشرية ضرورية تعزز وتشجع الوظائف الموجهة من المخ مثل: زيادة الوزن والمهارات الحركية والنوم المريح الهادئ وتخفيض الضغط وزيادة النشاط. إذن...اين نحن من كل ذلك؟ لماذا لا نستبدل أسلوب العنف والمشاحنات اليومية مع اطفالنا بأسلوب بسيط وراقٍ كـ (الحب والتقبيل)؟ فذلك أفضل واجدى تأثيراً.
تقول إحدى الامهات بأنها قد تجاهلت ملاطفة طفلتها البالغة من العمر 4 سنوات لايام نظرا لانشغالها بالعمل طوال الوقت فما كان من الطفلة إلا أن جاءت وجلست بالقرب من والدتها التي تواصل عملها المكتبي بالمنزل وهي تراجع تلك الملفات، أمسكت بيد أمها لتوقفها عن العمل لحظة تم ابتسمت ببطء وانحنت لتقبل يد والدتها وتمسح على وجهها الصغير. تقول الأم: تأثرت كثيرا من ردة فعل هذه الصغيرة حتى أنني بكيت، نعم إنه موقف مؤثر، فالطفلة كانت تعبر عن مدى حاجتها إلى الحنان والعاطفة، كانت تحاول انتشال والدتها من حالة العمل المتواصل كي تلتفت ولو للحظة لطفلتها التي تشتاق إلى حضن أمها ونحتاج إلى قبلتها كي تشعر بالأمان مجدد!
أيها الآبوان.... ذلك طفلك الصغير، اسقياه حببا وأغرقاه قبلا يعطيكما مستقبلا زاهرا بالحب بالآمال على رغم كل الصعوبات ولكن اسقياه غضبا وأبرحاه ضربا يعطيكما مستقبلا متشحا بالسواد تحطيه المخاوف والأشواك (ففاقد الشيء لا يعطيه) قال الرسول (ص): "قبلوا أولادكم فإن لكم في كل لحظة درجة"
******
دًٍمًتُِِّْمً بٌَِخٌِيَرٌٍ ،،
نْسٌِِّآلكَمً خٌِآلصٍْ آلدًٍعًٍآء
خادمة ال البيت بنت المصطفى
| |
|